
فريق مركز عافيتي بإشراف أ. صلاح الدين لكه
منذ 6 أيام
الدعم النفسي الاجتماعي في أوقات الحرائق والكوارث
تُعد الكوارث الطبيعية مثل الحرائق من الأحداث الصادمة التي قد تترك آثاراً نفسية عميقة، سواء على الأفراد المتأثرين مباشرة أو على من يشاهدون الحدث أو يشاركون في الاستجابة له. لا تتوقف تأثيرات الكارثة عند الخسائر المادية أو الجسدية، بل تمتد إلى مشاعر الخوف، فقدان الأمان، والغموض حول المستقبل. وهنا يأتي دور "الدعم النفسي الاجتماعي" بوصفه تدخلاً إنسانيًا يهدف إلى تعزيز التماسك النفسي والاجتماعي، وتخفيف المعاناة النفسية، وتقوية القدرة على التكيف.
من منظور نفسي، تختلف استجابات الأفراد للكوارث بحسب عدة عوامل، منها العمر، والخبرة السابقة مع الأزمات، ونوعية الدعم الاجتماعي المتوفر، والحالة النفسية والجسدية قبل الحدث. لا توجد "طريقة صحيحة" واحدة للرد على الكارثة، فبعض الأشخاص قد يظهر عليهم القلق أو الارتباك، بينما يختار آخرون الصمت أو الانسحاب. جميع هذه الاستجابات طبيعية في ظرف غير طبيعي.
بالنسبة للأطفال، فإنهم أكثر الفئات هشاشة عند التعرض للكوارث، لأنهم لا يمتلكون القدرة الكاملة على فهم ما يحدث أو التعبير عن مشاعرهم بوضوح. من هنا، تقع على عاتق الأهل مسؤولية كبيرة في توفير بيئة داعمة نفسيًا، تحمي الطفل من التأثيرات الطويلة الأمد للكارثة.
من التوصيات الأساسية للأهل لمساعدة الأطفال خلال الكارثة:
البقاء قريبين منهم جسديًا وعاطفيًا، والحرص على الهدوء في الحديث معهم. يحتاج الأطفال إلى إجابات على أسئلتهم، لكن بلغة تتناسب مع عمرهم دون مبالغة أو ترويع. عرض المشاهد العنيفة أو تكرار الحديث عن الخسائر أمامهم قد يسبب ترسيخًا لصورة الحدث في ذاكرتهم، وقد تظهر آثار ذلك لاحقًا على شكل كوابيس، قلق مزمن، أو تراجع في الأداء المدرسي. من المفيد تشجيع الأطفال على التعبير عمّا يشعرون به باستخدام الرسم أو اللعب الرمزي، وتوفير روتين يومي بسيط، حتى لو كان محدودًا، لأنه يساعد في خلق شعور بالسيطرة والاستقرار.
أما البالغون، فهم أيضًا عرضة للاستنزاف النفسي، خصوصاً عندما يكونون في موقع المسؤولية عن الأسرة. من الطبيعي أن يشعر الأهل بالقلق، الخوف، أو حتى الذنب في بعض الأحيان، لكن يجب التذكير بأن هذه المشاعر جزء من الاستجابة الإنسانية، ولا تعني وجود اضطراب نفسي. لا ينبغي إهمال طلب المساعدة النفسية إن ظهرت مؤشرات مثل الأرق الشديد، نوبات الهلع، الانسحاب الاجتماعي، أو صعوبة أداء المهام اليومية.
في ظروف الكارثة، الدعم الاجتماعي "مثل التحدث مع الأقارب أو الجيران" لا يُعد ترفًا بل هو عامل حماية نفسي موثوق.
ويُخص العاملون في فرق الدفاع المدني والإسعاف والإنقاذ برسالة خاصة، نظرًا لما يواجهونه من ضغط نفسي كبير، ومشاهد صادمة، وتحديات مستمرة. هؤلاء الأبطال لا يقاتلون فقط ضد النار أو الحطام، بل يواجهون أيضًا معاناة الناس، وأحيانًا الموت، وقرارات سريعة مصيرية. لذا من الضروري الاعتراف باحتياجاتهم النفسية، ومنحهم المساحة لتلقي دعم سريع والتعبيرعما يجول بخواطرهم، وتقديم دعم نفسي ممنهج لهم كجزء من منظومة الاستجابة لا كخدمة ثانوية. يجب أن تُتاح لهم فرص الراحة، وإعادة التقييم، والحديث في بيئة داعمة، سواء ضمن فرق العمل أو مع مختصين نفسيين.
من المهم التنويه إلى أن آثار الكوارث النفسية لا تنتهي بانتهاء الحدث، بل قد تستمر لفترات متفاوتة. لذا فإن المتابعة والدعم بعد الكارثة لها أهمية خاصة.
المصادر
https://www.mhinnovation.net/sites/default/files/content/document/Arabic_12.pdf