يقدّم هذا المقال على منصة عافيتي شرحًا واضحًا للفرق بين القلق الطبيعي واضطراب القلق، مع أبرز الأعراض وطرق العلاج ومتى يجب طلب المساعدة.
القلق شعور إنساني طبيعي، ووجوده لا يعني بالضرورة اضطرابًا نفسيًا. فهو في كثير من المواقف عامل مساعد يدفعنا نحو التركيز والانتباه واتخاذ القرارات الملائمة. لكنّه قد يتحوّل إلى عبء حين يتجاوز الحدّ الطبيعي ويُصبح طاغيًا على التفكير ومعطّلًا للحياة اليومية.
القلق الطبيعي: إنذار صحي لا مرض
القلق الطبيعي هو استجابة نفسية عضوية مفيدة تساعدنا على مواجهة المواقف المهمة أو المجهِدة مثل مقابلة عمل أو امتحان أو موقف اجتماعي جديد. يظهر هذا القلق في مواقف محددة ويختفي بزوال المسبب، دون أن يعيق أداء الفرد لمهامه. ورغم ما يصاحبه من أعراض بسيطة كشدّ عضلي أو تسارع في ضربات القلب، إلا أنها مؤقتة وغير مؤذية.
"القلق ليس علامة ضعف، بل إشارة من النفس إلى أن هناك أمرًا يحتاج إلى انتباهك" سيغموند فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي
الشخصية القلقة : كسمة لا اضطراب
بعض الأشخاص لديهم ميل دائم للقلق أو التفكير الزائد، وهو ما يُعرف بـ نمط الشخصية القلقة.
هذه السمات ليست مرضًا، لكنها قد تكون مرهقة إن ازدادت شدتها. يتسم أصحاب هذا النمط بالدقة، الحساسية العالية، الحرص الزائد، والسعي للكمال، يُظهر أصحاب الشخصية القلقة مستوى عالٍ من الحساسية تجاه الضغوط، ويستجيبون بسرعة أكبر لأي مثير يُشعرهم بعدم الأمان كما يفسرون أي احساس جسدي بطريقة سلبية.
الأفراد الذين لديهم سمة القلق بدرجة أعلى من الطبيعي يميلون إلى التفكير الزائد، توقع الأسوأ، أو تحليل المواقف بعمق مستمر، كما يتميزون بالدقة والتنظيم واتباع القواعد بصرامة، كما يظهرون حساسية تجاه المواقف وتفسيرها بشكل مبالغ به، ويسعون للكمال وتجنب النقد وبذل جهد مضاعف في مهامهم وعلى حساب راحتهم. لكن هؤولاء الاشخاص في الغالب قادرون على التكيّف مع هذه السمات دون أن تفقدهم توازنهم أو قدرتهم على الإنتاج.
ومع ذلك، يبقى القلق هنا في نطاق غير مرضي، أي أنه لا يعطّل الحياة. القلق يصبح خطرًا فقط عندما يفقد الشخص قدرته على إدارة قلقه، فيتحوّل إلى اضطراب قلق يحتاج لتدخل علاجي.
من القلق الطبيعي إلى اضطراب القلق
يتحوّل القلق إلى اضطراب عندما يصبح مفرطًا ومسيطرًا معظم الأيام لمدة لا تقل عن ستة أشهر، ويصعب على الشخص التحكم به.
ومن أبرز أعراض اضطراب القلق المعمم (GAD):
• القلق المستمر حول أكثر من موضوع.
• الإرهاق والشد العضلي وصعوبة التركيز.
• اضطرابات النوم وشعور دائم بوجود خطر.
وتشير الدراسات إلى أن اضطراب القلق يرتبط بعوامل عديدة أحدها فرط نشاط اللوزة الدماغية واختلال بعض النواقل العصبية، ما يجعل الجسم في حالة “تأهب دائم” حتى دون وجود خطر حقيقي.
لقراءة المزيد عن القلق
التحولات المعرفية والسلوكية
في القلق الطبيعي، يستطيع الفرد تهدئة أفكاره، بينما في اضطراب القلق يسيطر التفكير الكارثي وتظهر السلوكيات التجنبية، مما يؤدي أحيانًا إلى العزلة أو نوبات هلع حادة.
سلوكيًا، قد يبدأ الشخص بتجنّب المواقف التي تثير خوفه أو توتره (مثل الاجتماعات أو المناسبات الاجتماعية)، مما يؤدي إلى العزلة وتضييق دائرة العلاقات الاجتماعية.
وفي الحالات الشديدة، قد تظهر نوبات هلع وهي نوبات مفاجئة تحصل كاستجابة للقلق الشديد وتتضمن شعوراً بفقدان السيطرة الجسدية والنفسية، وأعراضاً جسدية شديدة كتسارع ضربات القلب وضيق النفس، والشعور بالدوران أو تغيم الوعي وحتى التفكير بأن هذه أزمة قلبية خطرة قد تنتهي بالموت.
نوب الهلع وتكرارها والخوف من تكرار حدوثها في المستقبل هي الحالة التي تجعل الشخص يبدأ رحلة البحث عن العلاج من خلال أطباء الصحة العامة والفحوصات الطبية قبل اكتشاف أنها حالة نفسية تحتاج للعلاج من طبيب نفسي واختصاصي نفسي .
العلاج والوقاية
العلاج الدوائي يفيد في علاج القلق بأنواعه، وهو ضروري خصوصاً في الحالات الشديدة التي تسبب التعطل.
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) من أنجح الأساليب في التعامل مع القلق.
يساعد العلاج المعرفي السلوكي على:
• تعديل أنماط التفكير غير الواقعية.
• تعلّم تقنيات الاسترخاء وتنظيم الأفكار.
• استعادة السيطرة على الاستجابات الجسدية.
• تحديد مدرج المواقف المثيرة للقلق واعطائها درجات، والبدء بمعالجة هذه المواقف لازالة الخوف المرافق لها وخفض درجة القلق.
• الوقاية من الانتكاس وعودة الاضطراب في المستقبل.
تقنيات مساعدة للتخفيف من القلق:
رغم أن العلاج النفسي هو الخطوة الأساسية، إلا أن بعض الممارسات اليومية قد تساعدك على التوازن:
١.فهم القلق وأعراضه، وكيف يؤثر على عافية الفرد.
٢.ممارسة الاسترخاء والتنفس البطيء.
٣.الاسترخاء العضلي التدريجي أو التأمل القصير.
٤.الرياضة المنتظمة والمشي اليومي.
٥.كتابة المشاعر والأفكار بدفتر أو ملاحظات.
٦.الالتزام بروتين نوم وصحة عامة منتظم.
لقراءة مقال حول هل يشفى الاضطراب النفسي؟
متى نطلب المساعدة؟
استشارة مختص نفسي ضرورية عندما يصبح القلق معطِّلًا للنوم أو العمل أو العلاقات، أو عندما تظهر أعراض جسدية متكررة دون سبب طبي واضح.
الخلاصة
القلق في حدّه الطبيعي طاقة إيجابية تساعدنا على الإنجاز.
الأشخاص القلقين لا يعانون بالضرورة من اضطراب، لكنها سمات تذكر بضرورة الوعي الذاتي، وضبط إيقاع الحياة النفسية قبل أن يتفاقم القلق وتتدهور العافية. و حين يتحوّل إلى خوف مزمن وسيطرة دائمة على التفكير والسلوك، فهو رسالة تطلب المساعدة والتوازن من جديد.
لحجز استشارة أونلاين أو في مركز عافيتي - غازي عنتاب
اضغط على الرابط للتواصل عبر الواتس أب:
https://wa.me/message/WQK52NAOWTI2C1
أو من خلال رقم الهاتف
87 39 202 507 90+
مصادر:
