بين الحقيقة العلمية والأساطير الشائعة

هل يمكن للمرض النفسي أن يختفي تمامًا؟ وهل يستطيع الشخص أن يعود لممارسة حياته الطبيعية كما كان قبل ظهور الأعراض؟

وماذا عن الأدوية النفسية، هل هي حل دائم أم عبء لا يمكن التخلص منه؟

أسئلة كهذه تدور في أذهان الكثيرين، لكن الإجابات غالبًا ما تضيع بين الحقائق العلمية والشائعات المنتشرة. في هذا المقال، سنعتمد على أحدث الدراسات في مجال الصحة النفسية لتوضيح الصورة بشكل علمي وبأسلوب مبسط.

ما هي الصحة النفسية حقًا؟

تُعرّف منظمة الصحة العالمية (WHO) الصحة النفسية بأنها:

"حالة من العافية يتمكن فيها الفرد من إدراك قدراته الخاصة، والتكيف مع ضغوط الحياة العادية، والعمل بشكل منتج، والإسهام في مجتمعه"

هذا التعريف يوضح أن الصحة النفسية ليست مجرد غياب الاضطراب النفسي، بل هي حالة متكاملة من التوازن النفسي والعاطفي والاجتماعي.

الشفاء أم التعافي؟

من المهم أن نُفرّق بين الشفاء والتعافي:

الشفاء: زوال الأعراض تمامًا وعودة الشخص لوضعه النفسي السابق.

التعافي: قد تبقى بعض الأعراض، لكن الشخص يتعلّم التكيف معها، ويستطيع العيش والعمل بشكل مُرضٍ وفعّال.

هذا الفهم الواقعي يقلل الضغط النفسي عن المريض، ويُظهر أن الهدف ليس الخلو التام من الأعراض، بل الوصول إلى حياة متوازنة وذات معنى.

تصنيف الاضطرابات النفسية

لفهم احتمالية الشفاء، من المفيد معرفة أن الاضطرابات النفسية ليست كلها من نوع واحد، بل يمكن تقسيمها إلى:

1. اضطرابات عارضة: مثل الاكتئاب، القلق، والرهاب (الفوبيا)، وهي غالبًا قابلة للتحسن الكبير أو الشفاء التام مع العلاج المناسب.

لقراءة المزيد عن اضطراب الاكتئاب https://aafiyati-psych.net/blog/post/22

2. اضطرابات دورية: مثل الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، حيث تأتي الأعراض على شكل نوبات تتخللها فترات استقرار .

3. اضطرابات مزمنة: مثل الفصام (Schizophrenia)، وهي تحتاج غالبًا لعلاج مستمر ودعم طويل الأمد.

4. اضطرابات الشخصية: مثل اضطراب الشخصية الحدية (BPD)، حيث ترتبط الأعراض بسمات الشخصية العميقة.

5. اضطرابات معرفية أو تطورية: مثل التأخر العقلي أو صعوبات التعلم.

6. اضطرابات مرتبطة بأمراض عضوية أو أدوية: حيث تظهر الأعراض النفسية نتيجة لمشكلة جسدية أو استخدام أدوية معينة.

ما الذي يزيد فرص التحسن؟

الدراسات تشير إلى أن العوامل التالية تُحسن فرص الشفاء أو التعافي:

1. بدء العلاج مبكرًا.

2. وجود دعم اجتماعي قوي.

3. الالتزام بالخطة العلاجية.

4. تبني نمط حياة صحي (نوم كافٍ، تغذية جيدة، نشاط بدني).

5. الجمع بين العلاج النفسي والدوائي عند الحاجة.

"دائمًا يكون التعاطف الحقيقي خاليًا من أي نوع من التقييم، وهذا يُشعر الآخر بشيء من الدهشة"

كارل روجرز عالم نفس أمريكي، مؤسس العلاج المتمركز حول العميل.

للتعرف على اضطراب القلق https://aafiyati-psych.net/blog/post/20

ماذا تقول الأرقام؟

ثنائي القطب: 25% تعافوا خلال 5 أسابيع، و85–89% حققوا تحسنًا خلال عامين.

اضطراب الشخصية الحدية: 50–70% من المرضى يدخلون في فترة هدوء خلال 5 سنوات، و93% يحققون استقرارًا لعامين أو أكثر.

الفصام: نصف المرضى يحققون تحسنًا ملحوظًا، وثلثهم قد يتعافون ويصلون الى حياة أقرب للطبيعية تمامًا.

الاضطرابات النفسية الحادة: ثلث المرضى يعيشون عامًا كاملًا بلا أعراض.

هذه الأرقام تؤكد أن التحسن ليس مجرد احتمال، بل واقع يعيشه الكثيرون.

أساطير يجب تصحيحها

1. المرض النفسي ليس ضعف إرادة.

2. الأدوية النفسية لا تغيّر شخصية المريض.

3. يمكن إيقاف معظم الأدوية تدريجيًا بإشراف طبي.

4. المريض النفسي ليس بالضرورة خطرًا على الآخرين، بل قد يكون أكثر عرضة ليكون ضحية للعنف.

الخلاصة

الاضطراب النفسي قد يُشفى في كثير من الحالات، أو يتحول إلى حالة مستقرة يمكن التعايش معها. العلاج المبكر، والدعم النفسي والاجتماعي، وتقبّل المرض كجزء من رحلة التعافي، كلها مفاتيح لحياة الأفضل.

طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل شجاعة حقيقية لمواجهة التحديات.

 للتواصل وحجز استشارة في مركز عافيتي – غازي عنتاب

واتس آب: https://wa.me/message/WQK52NAOWTI2C1

هاتف: 87 39 202 507 90+

المراجع

1. https://www.emro.who.int/ar/health-topics/mental-health/index.html

2. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK559510/?utm_source

3.https://en.wikipedia.org/wiki/Borderline_personality_disorder?utm_source

4.https://en.wikipedia.org/wiki/Prognosis_of_schizophrenia?utm_source=

5. https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/29385961/?utm_source

6. https://www.emro.who.int/ar/health-topics/depression/index.html