
فريق مركز عافيتي بإشراف أ. صلاح الدين لكه
منذ 4 أيام
الاكتئاب
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي 280 مليون شخص حول العالم من الاكتئاب. والاكتئاب هو اضطراب نفسي شائع للغاية، ويعتبر أولوية في برامج المنظمات الصحية العالمية نظرًا لتأثيراته الواسعة على الفرد والأسرة والمجتمع.
تحدثت جيه. ك. رولينغ، مؤلفة سلسلة هاري بوتر، عن صراعها مع الاكتئاب قائلة "الاكتئاب هو أكثر من مجرد شعور بالحزن... إنه فقدان كامل للقدرة على الشعور."
ماهو الاكتئاب؟
الاكتئاب هو حالة نفسية تتصف بحزن عميق مستمر ، وفقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة، وانخفاض واضح بالطاقة لفترة طويلة، والاكتئاب مختلف عن تقلبات المزاج العادية الطبيعية. تنتج الحالة من تفاعل معقّد بين عوامل بيولوجية، نفسية، واجتماعية.
رغم التشابه في بعض الأعراض الظاهرية بين الاكتئاب والحزن الطبيعي، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بينهما من حيث المدة، والشدة، والتأثير على الحياة اليومية.
الفرق بين الحزن والاكتئاب
الحزن هو رد فعل طبيعي تجاه مواقف مؤلمة مثل الفقد أو الخسارة او مواقف الحياة اليومية،ويترافق الحزن مع البكاء أو الانعزال، لكنه يكون مؤقتًا، وتظل القدرة على الاستمتاع بالحياة والأداء اليومي ممكنة بدرجة ما، كما يتحسن تدريجيًا مع الوقت والدعم والأنشطة.
أما الاكتئاب فهو اضطراب نفسي مستمر، يمتد لأسبوعين على الأقل أو أكثر،مستمر أغلب ساعات اليوم وأغلب أيام الأسبوع، ويؤثر بشكل كبير على التفكير، والمزاج، والنوم، والشهية، والعلاقات الاجتماعية، ويكون مصحوبًا أحيانًا بمشاعر انعدام القيمة، أو الذنب، أو حتى أفكار انتحارية، وقد يحدث بدون سبب واضح محدد.
باختصار: كل مكتئب قد يشعر بالحزن، لكن ليس كل حزين يعاني من اكتئاب. لذلك، يُعد التقييم النفسي المهني ضروريًا لتحديد طبيعة الحالة بدقة.
وهناك أيضاً أعراض أخرى للاكتئاب، منها ما يلي:
* ضعف التركيز
* الإفراط في الشعور بالذنب أو ضعف تقدير الذات
* اليأس من المستقبل
* التفكير في الموت أو الانتحار
* اضطراب النوم
* تقلبات الشهية أو الوزن
* الشعور بالتعب أو فتور الطاقة.
العوامل المؤدية للاكتئاب:
يُعد الاكتئاب اضطرابًا معقّدًا ينشأ من تفاعل مجموعة متنوعة من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية، ولايوجد سبب واحد للاكتئاب،عادة مايحصل الخلل والتدهور في هذه العوامل مجتمعة مما يؤدي للاكتئاب.
ويمكن تلخيص أبرز العوامل المؤدية للاكتئاب كما يلي:
1. العوامل الجينية والوراثية: وجود تاريخ عائلي للإصابة بالاكتئاب يزيد من احتمالية ظهوره لدى الفرد، ما يشير إلى دور وراثي واضح في قابلية الإصابة ولكن العامل الجيني ليس كافياً لوحده للإصابة بالاكتئاب.
2. الاختلالات الكيميائية في الدماغ: خلل في توازن النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين يُعتبر من أبرز الأسباب البيولوجية التي تساهم في تطور أعراض الاكتئاب.
3. التغيرات الهرمونية: قد تؤدي التغيرات الهرمونية في مراحل معينة من الحياة إلى حدوث اضطرابات مزاجية واكتئابية، خاصة لدى النساء.
4. السمات الشخصية والنفسية: الأفراد الذين يعانون من تدنٍ في احترام الذات، أو ميول للنقد الذاتي المفرط، أو المثالية الزائدة، أو التفكير السلبي المتكرر، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
5. الضغوط الحياتية والصدمات: الأحداث الصعبة مثل فقدان شخص عزيز، أو الانفصال، أو البطالة، أو الصدمات النفسية في الطفولة، إضافة إلى المعاناة من أمراض جسدية مزمنة، قد تؤدي إلى نشوء الاكتئاب أو تفاقمه.
6. النموذج التفسيري – التعرض والضغط : يُشير هذا النموذج إلى أن الاكتئاب لا يظهر نتيجة عامل واحد، بل نتيجة تفاعل الاستعداد الوراثي أو البيولوجي مع عوامل ضغط خارجية، ما يؤدي إلى ظهور الأعراض في حال غياب القدرة على التكيف وغياب الدعم.
أنواع الاكتئاب:
يأخذ الاكتئاب عدة أشكال، تختلف في الشدة والمدة والأعراض المصاحبة. من أبرز أنواعه:
اضطراب الاكتئاب الشديد، شائع بين الناس بالاكتئاب.
1. الاكتئاب الحاد : يتميز بنوبات شديدة من الحزن وفقدان الاهتمام تستمر لأسبوعين أو أكثر.
2. اكتئاب ما حول الولادة :وهو الاكتئاب الذي يحدث للأم خلال الحمل او بعد أسابيع أو أشهر من ولادة طفلها.
3. الاكتئاب المصحوب بأعراض ذهانية: يشمل أوهامًا أو هلوسات مرافقة لحالة الاكتئاب.
4. الاكتئاب غير النمطي: يظهر بأعراض مغايرة للمألوف، مثل النوم الزائد وتحسن المزاج مؤقتًا مع الأحداث الإيجابية.
5. الاكتئاب الموسمي: يرتبط بتغيرات الفصول، وغالبًا ما يظهر في الشتاء.
6. الاكتئاب قصير المدى المتكرر: نوبات اكتئاب قصيرة تتكرر على مدار العام.
7. الاضطراب الوجداني الثنائي القطب، أي أن نوبات الاكتئاب تتناوب مع فترات من أعراض الهوس، التي تشمل الابتهاج أو سرعة الانفعال، وزيادة النشاط أو الطاقة، وأعراض أخرى مثل فرط الكلام، وتسارع الأفكار، وزيادة تقدير الذات، وقلة الحاجة إلى النوم، وسهولة فقدان التركيز، والسلوك المندفع والطائش.
ماذا عن العلاج ؟
تعتمد معالجة الاكتئاب على خطة علاجية متكاملة يُشرف عليها طبيب مختص في الصحة النفسية أو أخصائي نفسي معتمد، وتُحدَّد وفقًا لنوع الاكتئاب وشدة الأعراض وحالة المريض العامة. وتتمثل أبرز الخيارات العلاجية فيما يلي:
1. العلاج النفسي: يُعد الخطوة الأولى في كثير من الحالات، ويشمل تقنيات مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT). يُقدّمه مختص في العلاج النفسي، ويهدف إلى توضيح سياق الإصابة بالاكتئاب تعديل أنماط العيش اسر الصحي ، بمافيه نمط التفكير وتعزيز آليات التكيّف.
لقراءة المزيد عن العلاج المعرفي السلوكي https://aafiyati-psych.net/blog/post/11
2. الأدوية المضادة للاكتئاب: يصفها الطبيب النفسي عند الحاجة، وتشمل مثبطات امتصاص السيروتونين (SSRIs) وغيرها. ورغم الشائعات، فإن هذه الأدوية لا تسبب الإدمان، لكنها تتطلب متابعة طبية دقيقة لضبط الجرعات وتقليل الأعراض الجانبية.
3. العلاج المشترك: في حالات الاكتئاب المتوسطة إلى الشديدة أو المزمنة (مثل الاكتئاب المستمر)، غالبًا ما يكون الجمع بين العلاج النفسي والدواء هو النهج الأكثر فعالية، بإشراف متكامل بين الطبيب النفسي والمعالج النفسي.
4. العلاجات البيولوجية المتقدمة: مثل العلاج بالتخليج الكهربائي (ECT) يُستخدم في حالات الاكتئاب، ويستخدم في المشفى تحت إشراف طبي، ويعتبر امناً للغاية ولا يتسبب بأية اضرار او آثار جانبية على عكس مايظن الكثيرون.
5. تحسين نمط الحياة والدعم الاجتماعي: يُرشد المختصون المتعالج إلى أهمية تحسين نمط الحياة من خلال تنظيم النوم،التغذية الصحية، ممارسة النشاط البدني، والتقليل من التوتر. والتنشيط السلوكي وتُعد هذه الجوانب مكملة للعلاج الطبي والنفسي، وتؤثر إيجابًا على نتائج التعافي.
إرشادات للتعامل مع الاكتئاب:
في حالات الاكتئاب الخفيف، يمكن لتغييرات بسيطة في نمط الحياة أن تُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين المزاج ودعم التعافي، خاصة إذا تم التعامل معها مبكرًا. توصي منظمات الصحة النفسية العالمية بعدد من الإرشادات المهمة، منها:
1. تنظيم الروتين اليومي: الحفاظ على جدول نوم منتظم، والاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا، يساعد على استقرار الحالة النفسية.
2. ممارسة النشاط البدني: حتى المشي 30 دقيقة يوميًا يمكن أن يحفّز إفراز هرمونات تحسّن المزاج مثل الإندورفين والسيروتونين.
3. التغذية الصحية: تناول أطعمة غنية بالأوميغا 3، الفيتامينات (خصوصًا B وD)، والتقليل من الكافيين والسكريات يساعد في تقوية الصحة الذهنية.
4. البقاء على اتصال اجتماعي: التواصل مع الأصدقاء أو العائلة، حتى ولو بمحادثة قصيرة، يقلّل من مشاعر العزلة والانغلاق.
5. التعبير عن الذات: الكتابة، الفن، أو حتى التحدث مع شخص موثوق يمكن أن يخفف المشاعر السلبية.
6. وضع أهداف صغيرة يومية: يساعد ذلك على الشعور بالإنجاز وكسر دورة الخمول وفقدان الدافعية.
مع ذلك، إن لم تتحسن الأعراض خلال أسبوعين، أو بدأت تؤثر في العمل أو العلاقات، فيُوصى بمراجعة مختص نفسي لتقييم الحالة وتوجيه العلاج المناسب.
للقراءة عن اضطراب القلق https://aafiyati-psych.net/blog/post/20
متى يجب زيارة مختص؟
* عند استمرار الأعراض لأكثر من أسبوعين، أو حدوث تراجع معنوي وعملي واجتماعي واضح.
* ظهور أفكار انتحارية أو إيذاء النفس.
* صعوبة النوم أو الأكل، أو تغيُّر كبير في الوزن أو الشهية.
* عندما لا تتحسّن الحالة بالعلاج الذاتي أو دعم الأقارب.
* وجود أعراض غير اعتيادية مثل الهلاوس أو الأوهام. في هذه الحالات، يجب زيارة طبيب نفسي أو طبيب عام مختص في الصحة النفسية.
كيف نساعد من يعاني من الاكتئاب؟
* الاستماع بصبر دون إصدار أحكام، وإظهار الاهتمام والدعم.
* تشجيع التوجه للعلاج النفسي والمراجعة الطبية الدورية.
* دعم الانخراط في روتين صحي (رياضة، تغذية، علاقات اجتماعية).
* في الحالات الطارئة مثل الأفكار الانتحارية، يجب عدم ترك الشخص وحده، والاتصال بخدمات الطوارئ فورًا.
الخاتمة
الاكتئاب اضطراب متعدد العوامل والأنواع، لكنه قابل للعلاج والوقاية.
الفهم العميق للأسباب ، والتدخل المبكّر بالعلاج النفسي والدوائي ، وتغيير نمط الحياة كلها تساهم في تخفيف العبء النفسي.
الاهتمام والدعم من المحيطين، إلى جانب التوجه السريع للمعالجة النفسية، يمكنه تحويل أزمة الاكتئاب إلى فرصة للشفاء والتعافي.
لحجز استشارة أونلاين أو في مركز عافيتي - غازي عنتاب
اضغط على الرابط للتواصل عبر الواتس أب:
https://wa.me/message/WQK52NAOWTI2C1
أو من خلال رقم الهاتف
87 39 202 507 90+
المراجع
https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/depression
https://ar.wikipedia.org/wiki/اكتئاب
https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/depression/multimedia/vid-20538733?utm_source.com